هسبريس - إسماعيل عزام
الثلاثاء 31 دجنبر 2013 - 00:00
بعد أيام معدودة، يوّدع المغاربة سنة من عمر وطن متحرك، ويستقبلون عاماً جديداً يترقبون من خلاله بعض الأفراح التي قد تغيّر جوانب حياتهم، خاصة تلك القادمة من قرارات كبرى تدفع بالبلاد إلى الأمام، بعيدا عن إخفاقات أوقفت عجلة التقدم المغربية، بل وأعادتها سنوات إلى الوراء في الكثير من الأحيان.
في غمرة الاستعداد لاستقبال حولٍ جديد، يبقى تذكر أهم محطات 2013 من العادات التي دأب عليها الإعلام العالمي عامة والمغربي خاصة..تذكر أحداث سنة تأتي في ظل أوّل تحدٍ حقيقي تشهده الحكومة الإسلامية بالمغرب..سنة اختبر فيها المغاربة مدى قدرة الدولة على تطبيق دستور قالت فيه الكثير من الأشعار..سنة حملت أحداثاً قد يراها البعض مهمة والبعض الآخر أقلّ أهمية وقد يراها آخرون أنها لم تحمل أي شيء يُذْكر..
هسبريس تستعيد مع زوارها أهم عشرة أحداث طبعت سنة 2013، وهي الأحداث التي لم يعتمد ترقيمها على مدى أهميتها.
العفو الملكي عن دانيال..
ربما قد تكون هذه المرة الأولى في عهد حكم محمد السادس التي خرج فيها المئات للاحتجاج ضد قرار وقّع عليه، بعد عفو ملكي عن مجرم إسباني هتك عرض قرابة 11 طفلا مغربيا، وهو ما اعتبره المحتجون قرارٌا يضرب في العمق كرامتهم.
ورغم التعنيف الذي جوبه به المحتجون على العفو، إلا أن المغاربة استمروا في التنديد بما وقع، ليأتي الحدث التاريخي في تاريخ القرارات الملكية، ويسحب الملك عفوه عن دانيال، مشيرا إلى أنه لم يكن يعلم بوجود اسم هذا الرجل في قائمة العفو.
وحتى وإن لم تستطع السلطات المغربية إعادة المجرم الإسباني لزنازينها، إلا أن التراجع عن هذا القرار، والحركية السياسية والاجتماعية التي طالبت بتغيير مسطرة العفو الملكي، شكلت نقط الضوء الوحيدة في قضية دانيال.
ضربة حزب الاستقلال وتشكيل الحكومة الثانية
"إلا قالْها راه يقد بيها" أغنية من التراث الشعبي المغربي تحوّلت إلى تجسيد لِمَا قام به الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط عندما أعلن عن قرار اللجنة التنفيذية للحزب بالانسحاب، قبل أن ينفذ وزراء "الاستقلال" –باستثناء محمد الوفا- هذا القرار ويتسببوا بعطب لحكومة بنكيران التي بقيت لأيام طويلة عاجزة عن إيجاد البديل.
وصول شباط إلى رأس حزب علال الفاسي، وإطلاقه حملة كبيرة من الانتقادات لحكومة بنكيران، ثم خروجه منها وانضمامه للمعارضة في حدث سياسي أثار جدلاً واسعاً، أمور أوقعت خلخلة كبيرة في السياسة الوطنية ودفعت بنكيران إلى البحث عن عجلة احتياط يُكمِل بها النصاب القانوني لحكومته كي لا يمر إلى انتخابات سابقة لأوانها قد تؤدي إلى تكلفة سياسية واضحة.
وبعد أزيد من ثلاثة أشهر من المشاورات مع بعض أحزاب المعارضة من أجل إتمام النصاب، توجهت خلالها الأنظار بشكل كبير لحزب "التجمع الوطني للأحرار" لكثير من الأسباب، أهمها أنه يتوفر على عدد من المقاعد البرلمانية المخوّلة لتعويض "الاستقلال" بكيفية مريحة، وثانيها الرفض المسبق الذي عبّر عنه حزبَا "الاتحاد الاشتراكي" و"الأصالة والمعاصرة" بخصوص أي تحالف قادم مع الإسلاميين. لذلك كان الجميع ينظر إلى "الأحرار" كمنقذ لحكومة بنكيران من التشتت حتى ولو كانت بعض الآراء القادمة من داخل حزب "البيجيدي" تُفضّل انتخابات مبكرة على مثل هذا التحالف.
لذلك فالمفاجأة لم تكن في وجود حزب صلاح الدين مزوار في الحكومة، بل كانت في وجود وزراء تكنوقراط في عملية أعادت العجلة السياسية إلى الوراء، وبالضبط إلى سنوات خلت كان فيها تعيين وزير دون لون سياسي أمرا رائجاً، زيادة على خروج سعد الدين العثماني من الحكومة، وهو الذي كان يُنْظر إليه كثاني أقوى رجل في حزب العدالة والتنمية وأحد أكثر وزرائها احتراماً من طرف المتلقي المغربي.
اعتقال أنوزلا
بسبب مادة إخبارية تضمنت رابطاً يحيل نحو فيديو يهدد فيه تنظيم القاعدة المغرب، تمّ اعتقال الصحافي ومدير موقع "لكم" علي أنوزلا. التهم كانت ثقيلة وتعلقت بالتشجيع على الإرهاب وتقديم أدوات لِمن يمارسونه، قبل أن يأتي الإفراج عنه ومتابعته في حالة سراح بعد دخول محامي جديد على الخط، قيل إن لديه علاقات مع حزب الأصالة والمعاصرة.
قضية أنوزلا عرفت تعاطفاً واسعاً، فقد تظاهر العشرات أكثر من مرة مطالبين بإطلاق سراح ابن الصحراء، وراسلت عدة منظمات حقوقية عالمية المغرب منددة بهذا الاعتقال، كما اهتم الإعلام بها بشكل واضح لدرجة أن جريدة الواشنطن بوست الأمريكية خصصت افتتاحية لانتقاد موقف السلطات المغربية، في قضية صَمتَ أنوزلا عن التعليق عليها بعد خروجه من السجن بالنظر إلى أن القضاء لم يقل فيها كلمته بعد.
الدارجة في التعليم المغربي
خرج نور الدين عيوش إعلاميا من جلباب الإشهار ودخل عالم التعليم بعد أن قدّم توصيات إلى الملك محمد السادس بضرورة اعتماد الدارجة في التعليم الأولي للتلميذ المغربي. توصيات أثارت الكثير من الجدل في بلد تتنازع تعليمه عدة لغات من عربية وأمازيغية وفرنسية وإنجليزية وحتى إسبانية.
إلا أن خطاب عيوش لم يلقَ تجاوباً كبيراً، وظهر أن غالبية المغاربة غير متفقين على حلول "الدارجة" محل العربية، حتى ولو كانت قواعد هذه الأخيرة بحاجة لنوع من التبسيط، كما أن المفكر عبد الله العروي، خرج من قمقمه ليدافع عن بقاء اللغة العربية في التدريس الأولي.
ومع كثرة الانتقادات التي نالها عيوش، قرر هذا الأخير الانزواء إعلاميا وعدم إثارة موضوع "الدارجة" من جديد، أو على الأقل تأجيله لزمن آخر يراه صالحا لفتح واحد من أكثر الأبواب تعقيدا في التعليم المغربي.
النصر الدبلوماسي في قضية "الصحراء"
بعد عدة ضربات من جبهة البوليساريو ومن حليفتها الدولة الجزائرية، وبعد سنوات من الجليد بين الرباط وواشنطن تمظهرت أكثر في تشجيع المسؤولين الأمريكيين مبادرة توسيع قوات المينورسو صلاحياتها في الصحراء، استطاعت الدولة المغربية إقناع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدعم مقترح الحكم الذاتي في زيارة تاريخية للعاهل المغربي للبيت الأبيض، سجّل من خلالها المغرب نصراً دبلوماسياً أنسى المغاربة ولو إلى حين عدداً من الهزائم الدبلوماسية.
ورغم أن المغرب لم يُقنِع بعد المنتظم الدولي خاصة الأمم المتحدة التي لا زالت ترى في الصحراء منطقة متنازع عليها، ورغم أن محكمة العدل الدولية لا زالت على موقفها السابق بأن الروابط الحالية الموجودة بين المغرب والصحراء لا تصل إلى اعتبار أن هذه المنطقة جزءٌ من خريطته، ورغم أن الدعم الأمريكي للمقترح المغربي مرهون بشروط كبيرة، إلا أن الزيارة الملكية الأخيرة أتت في وقت إيجابي للغاية قد يقطع مع دبلوماسية رد الفعل وتجاوز الأزمات التي تعوّد عليها المغرب منذ سنوات.
إنهاء حكومة الإخوان في مصر
لم يشكل عزل الرئيس المصري محمد مرسي حدثاً خاصاً ببلاد الكنانة، فالدورُ المحوري لمصر في الخريطة العربية، ومَكانتُها في ما يُعرَف بالربيع العربي، جعلاَ من إسقاط حكومة منتخبة ديمقراطياً بعد سنة من الحكم، العنوان البارز في أكبر الجرائد العالمية، ليأتي التأثير إلى المغرب خاصة وأن حكومة بنكيران تمتح من نفس المرجعية الإيديولوجية التي تشبعت بها حكومة حزب الحرية والعدالة بمصر.
وكما ظهر جلياً، فقد كان هناك رفض كبير من الشارع المغربي للانقلاب العسكري، رفض تشارك فيه اليساريون والإسلاميون، بعدما خرجت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والحزب الاشتراكي الموحد وأحزاب يسارية أخرى ببيانات تدين فيها ما قام به السيسي، زيادة على تنظيمات إسلامية نظمت مظاهرة في الرباط دعماً لما اعتبروها شرعية مرسي، فضلا عن استعمار شعار "رابعة" لعدد هائل من الصفحات الفايسبوكية المغربية.
قبلة قد تؤدي إلى السجن
ربما كان من المنتظر أن يتعرّض تلميذ وصديقته بالناظور إلى الكثير من الانتقاد بسبب نشرهما صور قبلاتهما الحميمية على موقع "الفيس بوك"، خاصة وأن العقلية المحافظة حاضرة بقوة في المجتمع المغربي، لكن ما جعل من الخبر يكتسي بعداً عالمياً ويتم من خلاله كيل العديد من الاتهامات الجديدة للمغرب، هو اعتقال المراهقيْن من طرف الشرطة وتوجيه تهم لهما تتعلق بالإخلال بالحياء العام، قبل أن يتم إطلاق سراحهما وتبرئتهما من طرف المحكمة.
واقعة الناظور أحيت نقاشاً قديماً-جديداً حول الأخلاق العامة بالمجتمع المغربي، وعن أي حدود يمكن للحرية الشخصية الوقوف عندها، وكان من نتائج هذه الواقعة، وقفة بالقرب من البرلمان المغربي عُرفت ب"وقفة البوسان" تم إفشالها من بعض عناصر ما يعرف ب"الشباب الملكي".
استمرار الأزمة المغربية-الجزائرية
أوصت الجزائر رسمياً بضرورة مراقبة حقوق الإنسان في منطقة الصحراء المغربية، ليزداد مؤشر الاحتقان بين الجارتين ويصل إلى حد الاحتجاج على القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء، في وقفة عرفت صعود محتجٍ متحمسٍ أكثر من اللزوم إلى أعلى المبنى، حيث انتزع العلم الجزائري في إهانة واضحة لمشاعر الأشقاء الجزائريين.
عدم متابعة المعني خلّف استياءٍ واضحا لدى الكثير من المتتبعين، وجعل الجزائر تستمر في موقفها السلبي من أي علاقات صداقة مع المغرب، ليظهر أن خلافَ من كانت الحركة الوطنية المغربية تعتبرهما وطناً واحدا لا زال مستمرا، وأن هناك عملاً واضحاً ينتظر البلدين معاً من أجل إنهاء عقود من التشنج المتبادل.
سياسة مغربية جديدة في مجال الهجرة
سنوات طويلة وطريقة تعامل المغرب مع الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء تثير مخاوف عدد من المنظمات الحقوقية، لتعلن الدولة عن سياسة جديدة لمعالجة موضوع الهجرة، بعد أن أقر الملك شخصياً بوجود مخاوف مشروعة في هذا المجال، ويفتح الباب أمام إصلاحات كبيرة كإطلاق عمليات تسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين، وهي الإصلاحات التي اعتمدت بشكل واضح على توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
إلا أن وفاة الكاميروني بحي العرفان بطنجة، فتحت نقاشاً واسعاً حول مدى التزام الدولة بتنفيذ بهذه الإصلاحات، خاصة وأن الحادثة أتت أشهراً قليلة بعد مقتل سنغالي بالعاصمة الرباط على إثر توجيه طعنات قاتلة له من مغربي، ليبلغ النقاش مداه مع مسيرة نظمها الأفارقة السود كوسيلة ضغط على السلطات من أجل فتح تحقيق حول حادثة وفاة زميلهم الكاميروني، ويتبين أن مكانة المغرب كأقرب بلد إفريقي إلى أوروبا، ستجعله في مرمى ضغط كبير بإيجاد حلول ناجعة للمهاجرين الراغبين في غد أفضل وأحسن.
وصول الرجاء إلى نهائي مونديال الأندية
لم يكن أكثر المتفائلين ب"النسور الخضر" يعتقد أن الفريق سيصل إلى المباراة النهائية ل"الموندياليتو"، خاصة بعد العروض المتواضعة الأخيرة بالبطولة المغربية، والتي كلّفته الهزيمة في آخر مباراة أمام حسنية أكادير، ثم ضياع لقب كأس العرش أمام الدفاع الحسني الجديدي، زيادة على إقالة محمد فاخر أيّاماً قليلة قبل بداية الكأس العالمية..أحداث متتابعة جعلت الكثيرين لا يقتنعون بمدى قدرة رفاق العميد متولي على تقديم عرض يشرّف الكرة المغربية.
غير أن الفوز الأول أمام "أوكلاند سيتي" جعل الرجاويون يتشبثون بالأمل أمام فريق قوي قادم من المكسيك اسمه "مونتيري"، ومرة أخرى كانت النسور في الموعد واستطاعت أن تصل بالمباراة إلى بر الأمان في الأشواط الإضافية، ليتابع المغاربة بكثير من الترقب مباراة نصف النهائي أمام زملاء رونالدينهو، ويضرب النسور من جديد، وهذه المرة بثلاثية مستحقة أخرجت الجماهير إلى الشوارع، في تكرار للفرحة التي زرعتها كرة القدم الوطنية في قلوب المغاربة سنة 2004 عندما خرجت الملايين إلى الشوارع مبتهجة للعرض الذي قدمته أسود الأطلس في نهائيات كأس إفريقيا بتونس.
ورغم الهزيمة أمام أقوى فريق في العالم "بايرن ميونيخ" بهدفين لصفر، إلا أن العرض الذي قدمته الرجاء، أعاد الأمل للمغاربة بأن كرة القدم الوطنية لا زالت قادرة على العطاء رغم كل سنوات الإخفاق.